أحياناً كثيرة نعجب بشخص من بعيد أو نعجب بحياته التي يحياها ونراه مثلاً أعلى ونتمنى أن نكون مثله أو نحيا مثله, وتغشى قلوبنا وعقولنا غشاوة فلا نراه إلا في أحسن صورة وننسى أو نتناسى أنه من البشر.
نزدري حياتنا وسلوكياتنا ولا نقدر ما نملك في أيدينا لأننا نرى أنفسنا أقل منه بكثير ونراه أعلى منا , نراه الثريا ونرى أنفسنا أو حياتنا كالثرى, فأين الثرى من الثريا؟
نراه قمراً منيراً, يعشينا الضوء الساطع من بعيد ونتطلع ليه بانبهار واكبار.نرسم حوله هالة من نور تشع في نفوسنا كلما تذكرناه.
وعندما نقترب منه نراه على حقيقته !! مجرد كوكب بارد لا ضوء فيه ولا حياة!!
النور الذي كنا نراه ما هو إلا انعكاس لإشعاع التبجيل الذي صنعناه له في دواخلنا.
ساعتها تسقط الأقنعة ويسقط من عيوننا و ندرك أنه إنسان مثلنا وقد يكون أقل منا بكثير وفي كل شيء. نكتشف ساعتها (وقد يأتي أكشافنا هذا متأخراً) أننا أضعنا جزءاً من حياتنا وأنحن لا نقدرها و لا نعرف قيمتها وقيمة ما لدينا !!!!!!!!!!! ساعتها سنكون واحداً من ثلاثة , أما أن نصدم ونحزن لأن أملنا خاب في هذا الشخص بعدما سقطت عنه ورقة التوت التي كانت تستر فعاله ونتمنى لو أننا لم نقترب منه وبقينا تراه من بعيد حتى يضل في أعيننا نجماً ساطعاً .
أو أننا نغضب ونتمنى لو أننا كشفنا حقيقته منذ البداية و لم نخدع به ونبهر بزيفه.
أو أننا نفرح لأننا رأينا صورته الحقيقية بلا رتوش وتزيف لكي نعرف قيمة ما لدينا ...
لكي نستمر في رؤية القمر ساطعاً ,جميلاً غامضاٍ و مبهراً ولكي يستمر الشعراء في التغني به فعلينا أن لا نقترب منه ونكتفي بالتطلع إليه من بعيد لأننا لو أقربنا منه كما فعل رواد الفضاء فسنراه مجرد كوكب بارد باهت يستمد نوره من انعكاس أشعة الشمس عليه !